٢١/ آثار رويت عن السلف لا يعتمد عليها

الأثر الأول : حديث الأربعة الذين إجتمعوا عند الكعبة وسألوا وهم : عبدالله ومصعب ابنا الزبير وعبدالله بن عمر وعبدالملك بن مروان وذكره ابن أبي الدنيا في كتاب مجابي الدعاء ورواه من طريق إسماعيل بن أبان الغنوي عن سفيان الثوري عن طارق بن عبد العزيز عن الشعبي أنه قال : لقد رأيت عجبا كنا بفناء الكعبة أنا وعبدالله بن عمر وعبدالله بن الزبير ومصعب بن الزبير وعبدالملك بن مروان فقال القوم بعد أن فرغوا من حديثهم ليقم كل رجل منكم فليأخذ بالركن اليماني وليسأل الله حاجتهةفإنهويُعطي من سعة ثم قالوا : قم ياعبدالله بن الزبير فإنك أول مولود في الإسلام بعد الهجرة فقام فأخذ بالركن اليماني ثم قال : اللهم إنك عظيم تُرجي لكل عظيم أسألك بحرمة وجهك وحرمة عرشك وحرمة نبيك ألاةتميتني من الدنياةحتى توليني الحجاز ويسلّم عليَّ بالخلافة ثم جاء فجلس ثم قام مصعب فأخذ بالركن اليماني ثم قال اللهم إنك رب كل شيء وإليك يصير كل شيء أسألك بقدرتك على كل شيء ألا تميتني من الدنيا حتى توليني العراق وتزوجني سكينة بنت الحسين ثم قام عبدالملك بن مروان فأخذ بالركن اليماني ثم قال : اللهم رب السماوات السبع ورب الأرض ذات النبت بعد الفقر أسألك به عبادك المطيعون لأمرك بحقك على خلقك وبحق الطائفين حول عرشك ...الخ
رد الشبهة :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : قلت : وإسماعيل بن أبان الذي روى هذا عن سفيان الثوري كذاب . قال أحمد بن حنبل : كتبت عنه ثم حدث بأحاديث موضوعة فتركناه .. وقال أبو حاتم : كذاب ...[قاعدة جليلة ١٤٤ - ١٤٥]
وقال الذهبي : إسماعيل بن أبان الغنوي الكوفي الحناط : كذبه يحي بن معين وقال أحمد بن حنبل : كتبنا عنه عن هشام بن عروة ثم روى أحاديث موضوعة عن فِطْر وغيره فتركتاه .. قال ابن حبان : كان يضع الحديث على الثقات [ميزان الإعتدال ج١ ص ٢١٤]
الأثر الثاني : قال شيخ الإسلام عليه رحمة الله : وروى في ذلك أثر عن بعض السلف مثل مارواه ابن أبي الدنيا في كتاب مجابي الدعاء قال : حدثنا أبوهاشم سمعت كثير بن محمد بن كثير بن رفاعة يقول : جاء رجل إلى عبدالملك بن سعيد بن أبجر فجس بطنه فقال : بك داء لا يبرأ قال : ماهو ؟ قال : الدبيلة ، قال : فتحول الرجل فقال : الله الله الله ربي لا أشرك به شيئا اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمدٍ نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم تسليما يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك وربي يرحمني مما بي قال : فجس بطنه فقال : قد برئت مابك علة
رد الشبهة :
وهذا الأثر نقله ابن تيمية في [قاعدة جليلة ص ١٤٤ - ١٤٥] وقد نقله بصيغة التمريض التي تدل على أن ابن تيمية يضعف هذا الأثر فقد قال : ورُويَ في ذلك أثر عن بعض السلف مثل مارواه ... ثم ساق القصة مما يُوضح تضعيف ابن تيمية لها
وقبل ذلك ذكر ابن تيمية رحمه الله كلاما يدل على تضعيفه لهذه الحكايات كلها بما فيها هذه الحكاية حيث قال في بداية حكايته : وفي الباب حكايات عن بعض الناس أنه رأى مناما قيل له فيه : أدع بكذا وبكذا ومثل هذا لا يجوز أن يكون دليلا بإتفاق العلماء وقد ذكر بعض هذه من جمع في الأدعية ورُوي في ذلك أثر عن بعض السلف مثل مارواه ابن أبي الدنيا ... ثم ساق الحكاية ، ممايدل دلالة واضحة على أن ابن تيمية أورده من أمثلة الآثار والحكايات التي لا تصح
ومما يدل على ذلك أيضا قوله عند إيراد الحكاية : وقد ذكر بعض هذه الحكايات من جمع في الأدعية . ثم ذكر الحكاية وكان شيخ الإسلام قد أصل قبل صفحات من هذا الكلام أن هذه الكتب التي جمعت الأدعية والأذكار قد كثر فيها الأحاديث الموضوعة لذلك لا يجوز الإعتماد عليها في الشريعة ونقل الإتفاق على ذلك فقال شيخ الإسلام : .. لكن قد رواه من صنف في عمل اليوم والليلة كإبن السني وأبي نعيم وفي مثل هذه الكتب أحاديث كثيرة موضوعة لا يجوز الإعتماد عليها في الشريعة بإتفاق العلماء [قاعدة جليلة ص١٣٦]
ولو فرضنا صحة القصة فإن هذا الفعل من رجل لا يصلح أن يكون دليلا لأنه ليس كتابا ولا سنة بل هو تصرف من رجل لم نؤمر بإتباعه أبدا لا سيما وهو يخالف الكتاب والسنة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد" .
أما كون الدعاء أُستجيب فهذا أيضا لا يدل على أنه سائغ في الشريعة فإن كثيرا من الناس يدعون من دون الله من الكواكب والمخلوقين ويحصل مايحصل من غرضه ... [قاعدة جليلة ص ١٤٧] وصدق شيخ الإسلام رحمه الله فالدين ليس تجاربا وإنما هو اتباع فليس كل من جرب شيئا جعله سنة وشريعة تتبع فتضيع شريعة الله جل وعلا ولكن العجيب أن هؤلاء الصوفية يأتون بهذه الآثار والحكايات التي فيها التوسل البدعي ليستدلوا بها على جواز الشرك بالله تعالى من دعاء غير الله والإستغاثة بغيره تعالى فشتان بين مشرق ومغرب .