١٧/ فوائد عظيمة في الرد على شبهات التوسل من كتاب قاعدة جليلة

فوائد عظيمة في الرد على شبهات التوسل ملخص من كتاب قاعدة جليلة لشيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله :
١/ من شبهاتهم في الأثر "إنا كنا نتوسل إليك بعم نبينا" يقولون : حتى ابن تيمية يقول مثلنا
رد الشبهة :
القبورية يكذبون على شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله بل الصحيح أنه يقول بخلاف مقصودهم تماما .فقد قال في كتابه قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة صفحة ٨٥ : وأما التوسل بدعائه وشفاعته كما قال عمر فإنه توسل بدعاءه لا بذاته ولهذا عدلوا عن التوسل به صلى الله عليه وسلم إلى التوسل بعمه ولو كان التوسل بذاته لكان هذا أولى من التوسل بالعباس فلما عدلوا عن التوسل به بعد وفاته عُلِمَ أن ما يفعل في حياته قد تعذر بعد موته بخلاف التوسل بالإيمان به والطاعة فإنه مشروع دائما
وقال في صفحة ١٠٧- ١٠٨ : ودعاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في الإستسقاء المشهورين المهاجرين والأنصار (وقال في موضع آخر: وهذا من أعظم الإجماعات الإقرارية من الصحابة) وقوله : "اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقنا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا" يدل على أن التوسل المشروع عندهم هو التوسل بدعاءه وشفاعته لا السؤال بذاته .
وقال في صفحة ١٦٤ : ثم لما استسقى الناس قال "اللهم إنا كنا نستسقي إليك بنبينا فتسقنا" وهذا دعاءٌ أقره عليه جميع الصحابة ولم ينكره أحد مع شهرته وهذا من أعظم الإجماعات الإقرارية ودعا بمثله معاوية ابن أبي سفيان في خلافته لما استسقى بالناس فلو كان توسلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته كتوسلهم في حياته لقالوا كيف نتوسل بمثل العباس ويزيد ابن الأسود الجرشي ونحوهما ونعدل عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أفضل الخلائق وهو أفضل الوسائل وأعظمها عند الله ، فلما لم يقل ذلك أحد منهم وقد علم أنه في حياته إنما توسلوا بدعائه صلى الله عليه وسلم وشفاعته بعد مماته توسلوا بدعاء غيره وشفاعة غيره علم أن المشروع عندهم التوسل بدعاء المتوسل به لا بذاته .
٢/ شبهة :لو قالوا (إعتراضا) أن عمر بن الخطاب ترك التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وتوسل بعمه العباس وكان ذلك لبيان جواز التوسلةبالمفضول مع وجود الفاضل ..!!!
رد الشبهة :
كيف يمكن أن يخطر في بال عمر رضي الله عنه أو في بال غيره من الصحابة الكرام تلك الحزلقة الفقهية المتأخرة وهو يرى الناس في حالة شديدة من الضنك والشقاء والبؤس يكادون يموتون جوعا حتى سمي ذاك العام بعام الرماد كيف يرد في خاطره تلك الفلسفة الفقهية في هذا الظرف العصيب فيدع الأخذ بالوسيلة الكبرى في دعائه وهي التوسل بالنبي الأعظم لو كان ذلك جائزا ويأخذ بالوسيلة الصغرى التي لا تقارن بالأولى لماذا ؟! (لأن حتى المشركين لما يضيق بهم الحال كانوا يلجأون إلى الوسيلة الأعظم ويتركون بقية الأشياء التي كانوا يعتمدون عليها قال تعالى (فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون) [العنكبوت/٦٥] حتى المشركون فطنوا إلى هذه المسألة في حالة الضيق والضنك الشديد والإبتلاء العصيب يلجأون إلى الوسيلة الكبرى فكيف ل عمر بن الخطاب
٣/ إذا كان عمر بن الخطاب خطر في باله ذلك فما بال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما والضحاك بن قيس حيث توسلا بالتابعي الجليل يزيد ابن الأسود الجرشي رحمه الله [الألباني / ابن تيمية في قاعدة جليلة]
٤/ لو كان توسل عمر بجاه العباس ومكانته عند الله لا بدعائه فلماذا قام العباس يدعو بعد دعاء عمر؟!
٥/ ومما يؤيد أن التوسل كان بدعاء العباس لا بذاته وجاهه وشخصه هو أن عمر صرح أنهم كانوا يتوسلون بنبينا صلى الله عليه وسلم في حياته وأنه في هذه الحادثة توسلوا بالعباس ومما لا شك فيه أن التوسلين من نوع واحد توسلهم بالرسول صلى الله عليه وسلم وتوسلهم بالعباس أما توسلهم بالرسول صلى الله عليه وسلم فكان بدعاءه بلا شك بدليل مارواه الإسماعيلي في مستخرجه على الصحيح لهذا الحديث بلفظ "كانوا إذا قحطوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم استسقوا به فيستسقي لهم فيسقون فلما كان في إمارة عمر وذكر حديث التوسل" [فتح الباري لابن حجر/ج٢ / ص٣٩٩] فقوله "فيستسقي لهم" صريح في أنه صلى الله عليه وسلم كان يطلب لهم السقيا من الله تعالى لأن معنى الإستسقاء لغة : طلب سقي الماء من الغير للنفس أو الغير . والإستسقاء شرعا : طلب سقي الماء من الله تعالى عند حصول الجدب على وجه مخصوص [فتح الباري] إذا فهذا معنى كلام عمر بن الخطاب "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقنا" أي نتوسل إليك بطلب الدعاء من نبينا فيدع لنا نبينا فتسقنا ياالله .والدليل الثاني على أن مقصود عمر بن الخطاب هو التوسل بالدعاء لا بالذات أن العباس شرع في الدعاء بعد هذا مباشرة وهذا من أعظم الأدلة في الرد على شبهات أهل الشرك وعباد القبور [من ملخص كلام الشيخ مزمل فقيري حفظه الله]
٦/ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في قاعدة جليلة صفحة ١٩٢-١٩٣ : والتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكره عمر بن الخطاب قد جاء مفسرا في سائر الأحاديث الصخيحة وهو من جنس الإستشفاع به وهو أن يطلب منه الدعاء والشفاعة ويطلب من الله أن يقبل دعاءه وشفاعته (تجدر الإشارة إلى توجه عمر نفسه بالدعاء طالبا من الله أن يتقبل دعاء العباس - اللهم إنا كنا ..الخ فكلمة اللهم دعاء لله تعالى ولماذا دعا عمر؟ قال ابن تيمية :هذا من جنس الإستشفاع به وهو أن يطلب منه الدعاء والشفاعة)
فقال شيخ الإسلام صفحة ٢٣٠ من كتاب قاعدة جليلة في شأن توسل الرجل الأعمى بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم : فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي ويدع هو أيضا لنفسه ويقول في دعاءه : "اللهم فشفعه فيا" فدل ذلك على أن معنى قوله "أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمدا" أي بدعاءه وشفاعته فيَّا كما قال عمر "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بدعاء نبينا" فالحديثان معناهما واحد وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم علم رجلا أن يتوسل به في حياته كما ذكر عمر أنهم كانوا يتوسلون به إذا أجدبوا (أي في حياته أيضا) ثم انهم بعد موته إنما كانوا يتوسلون بدلا عنه فلو كان التوسل به حيا وميتا سواء والمتوسَّل به دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم كمن لم يدع له الرسول لم يعدل عن التوسل به وهو أفضل الخلق وأكرمهم وأقربهم إليه وسيلة إلا أن يتوسلوا بغيره ممن ليس مثله .