٣/ شبهة بلال ابن الحارث المزني "يامحمد استسق لأمتك

/ شبهة حديث بلال بن الحارث المزني «يامحمد استسق لأمتك»
قال الحافظ ابن حجر في [الفتح ج٢ ص ٥٧٥] : وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار وكان خازن عمر فقال : يارسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتى الرجل في المنام فقيل له ائت عمر .." الحديث ، وقد روى سيف في الفتوح أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة
رد الشبهة :
قال الشيخ الألباني رحمه الله معلقا على هذا الأثر : قلت : والجواب من وجوه :
الأول : عدم التسليم بصحة هذه القصة لأن مابك الدار غير معروف العدالة والضبط وهذان شرطان أساسيان في كل سند صحيح كما تقرر في علم المصطلح وقد أورده ابن أبي حاتم في [الجرح والتعديل ج٤ /١ - ٢١٣] ولم يذكر راويا عنه غير أبي صالح هذا ففيه إشعار باأنه مجهول ويؤيده ابن أبي حاتم نفسه مع سعة حفظه وإطلاعه لم يحك فيه توثيقا فبقي على الجهالة ، ولا ينافي هذا قول الحافظ : "بإسناد صحيح من رواية صالح السمان"
لأننا نقول : إنه ليس نصا في تصحيح جميع السند بل إلى أبي صالح فقط ولولا ذلك لما ابتدأ هو الإسناد من عند أبي صالح ولقال رأسا "عن مالك الدار .. وإسناده صحيح" ولكنه تعمد ذلك ليلفت النظر إلى أن هاهنا شيئا ينبغي النظر فيه والعلماء إنما يفعلون ذلك لأسباب منها : أنهم قد لا يحضرهم ترجمة بعض الرواة فلا يستجيزون لأنفسهم حذف السند كله لما فيه من إيهام صحته لا سيما عند الإستدلال به ..
الثاني : أنها مخالفة لما ثبت في الشرع من إستحباب إقامة صلاة الإستسقاء لإستنزال الغيث من السماء . بل هي مخالفة لما أفادته الآية من الدعاء والإستغفار (فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا . يرسل السماء عليكم مدرارا ..) وهذا مافعله عمر بن الخطاب حيث استسقى وتوسل بدعاء العباس وهكذا كانت عادة السلف الصالح كلما أصابهم القحط أن يصلوا ويدعوا ولم ينقل عن أحد منهم مطلقا أنه إلتجأ إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه الدعاء للسقيا ولو كان ذلك مشروعا لفعلوه ولو مرة واحدة فإذا لم يفعلوه دل ذلك إلى عدم مشروعية ما جاء في القصة
الثالث : هب أن القصة صحيحة فلا حجة فيها لأن مدارها على رجل لم يسمَّ فهو مجهول أيضا وتسميته بلالا في رواية سيف لا يساوي شيئا لأن سيفا هذا هو ابن تمر التميمي متفق على ضعفه عند المحدثين بل قال ابن حبان فيه : يروي الموضوعات عن الأثبات وقالوا أنه كان يضع الحديث فمن كان هذا شأنه لا تقبل روايته ولا كرامة لا سيما عند المخالفة [التوسل أنواعه وأحكامه للألباني ١١٨ - ١٢٠] وذكر الذهبي عن سيف بن عمر التميمي هذا في ميزان الإعتدال قوله : وروى مطين عن يحي : فلس خير منه وقال عنه أبوداود : ليس بشي .. [ميزان الإعتدال ج٢ ص ٢٣٦ - ٢٣٧]

هذا الحديث رواه الإمام ابن حجر بإسناد معلول جاء في إسناده عن أبي صالح السمان ومنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم إسناده متوقف فهذه القصة باطلة ولم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فالقصة باطلة .
وقد أجمع علماء الحديث على أن سيف بن عمر التميمي لا تقبل روايته أبدا ومثله أبو مخنف لوط ابن يحي وكذلك محمد بن عمر الواقدي الأسلمي فهؤلاء الثلاثة مجروحين . فقد نقل الذهبي عن مطين بن يحي قال عن سيف بن عمر التميمي : فلس خير منه . وقال ابن حبان عن سيف بن عمر التميمي : يروي الموضوعات عن الأثبات
بل الصحيح الثابت عن رجل من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو زين العابدين علي بن الحسين كان جالسا في يوم من الأيام في حجرة عائشة بالقرب من قبر النبي صلى الله عليه وسلم على مائدة في وقت الغداء فجاء أعرابي فدخل الحجرة التي دفن فيها النبي صلى الله عليه وسلم ودعا الله سبحانه وتعالى فذهب علي ابن الحسين للأعرابي وأمسكه من يده ونهاه ثم قال : ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "لا تجعلوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي حيث شئتم" . بل ثبت عن عمر رضي الله عنه في صحيح البخاري لما أجدب الناس قال : اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقنا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فأسقنا وفي رواية الزبير بن بكار في الأنساب : قال قم يا عباس فادع قال أهل العلم لو كان يحق التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته ماكان لعمر بن الخطاب أن يقول للعباس أدع بل كان الأحرى أن يمشي لقبر النبي صلى الله عليه وسلم ويقف بجانب القبر ثم يقول يامحمد استسق لنا ..!!! لكن عمر بن الخطاب والصحابة رضي الله عنهم مافعلوا ذلك وكذلك قال أهل العلم يجوز التوسل بدعاء الإنسان بشرط أن يكون حي وموجود أما الذي مات فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم من رواية أبي هريرة «إذا مات ابن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاثة صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»