عثمان بن عفان رضي الله عنه

عثمان بن عفان :
وأفضل ماقيل هو أننا نتعاطى تاريخه بشيء من الرهبة والخوف لأن الملائكة تستحي منه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستحي منه اسمه عثمان بن عفان ابن أبي العاص بن أمية بن عبدشمس بن عبدمناف بن قصي بن مرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبدمناف ، أمه أروى بنت قريظ بن شمء بن عبدمناف غير أن أم أروى هي أم حكيم البيضاء بنت عبدالمطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم (بمعنى جدته هي عمة الرسول صلى الله عليه وسلم) تزوج من النساء أولا رقية وتزوجها قبل البعثة وذلك أن سُعد بنت قريظ أخت أروى وهي خالة عثمان أخبرته أنه سوف يتزوج بإمرأة زوجها عظيم وكانت من اللائي يتكهن في الجاهلية فرقية كانت تحت عتبة بن أبي لهب ثم بعد ذلك طلقها وفارقها بأمر من أبيه وبغضا في رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوجها عثمان قال ابن عساكر : في الأولين والآخرين لم يغلق الباب على ابنتي نبي إلا عثمان بن عفان لأنه تزوج رقية وقد مرضت أيام بدر فمارضها وماتت بعد بدر مباشرة وقسم النبي صلى الله عليه وسلم سهما في جملة من حضر لأنه تأخر بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ثم تزوج بعد وفاة السيدة رقية بالسيدة أم كلثوم وقد أنجبت له رقية ابنه عبدالله وكان به يكنى ولذلك قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء : عثمان ذي النورين وصاحب الهجرتين والمصلي إلى القبلتين وزوج البنتين وفي بعض الروايات في إسنادها مقال قال له النبي صلى الله عليه وسلم : "لوكانت لنا ثالثة لزوجناك ولو كانت لنا أربعين بنت لزوجتك الواحدة تلو الأخرى ياعثمان" تزوج بعد ذلك بفاتخة بنت غزوان بن جابر وولدت له عبيدالله ثم تزوج بأم عمر بنت جندب بن عمر الأسدية وهذه ولدت له معظم أبناءه خالدا وعَمْرا وعُمَرا وإبانة وإبان من أكثر الرواة عن أبيه عثمان وولدت له مريم ثم تزوج بفاطمة بنت سعيد بن الوليد المخزومية ثم تزوج بأم البنين وهذه أنجبت له ابنه عبدالملك ثم تزوج برملة ثم تزوج بنائلة بنت فراسة الكلبية وانجبت له ابنته مريم الثانية ولما مات كان في عصمته أربعة نسوة : أم البنين ورملة وفاتخة ونائلة
فضائله :
حديث أنس في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أجلسه على الباب فجاء أبوبكر فقال بشره بالجنة ثم جاء عمر فقال ائذن له وبشره بالجنة فلما طرق عثمان قال من بالباب ؟ قال : عثمان فقال : بشره بالجنة على بلوى تصيبه فبشر عثمان ودخل ولما دخل كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا على البئر وقد تدلت أقدامه فجلس عن يمينه أبوبكر ودل رجلاه وجلس عمر اما عثمان جاء وجلس مقابلا لهم بعيدا قال أهل التفسير : هذا يدل على إجتماعه مع النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه غير أن قبره إنفرد وقبر هؤلاء اجتمعة
ومن مناقبه :
كما جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسا فدخل عنده أبوبكر وقضى حاجته ومضى وكان ثوب النبي صلى الله عليه وسلم قد إرتفع حتى ظهر بعض فخذه ثم جاء عمر وجلس وقضى حاجته وخرج ولما جاء عثمان إعتدل في جلسته صلى الله عليه وسلم وسوى ثوبه حتى جلس عثمان وقضى حاجته وخرج فقالت عائشة وقد سألته لماذا خص عثمان بذلك ؟ قال : "ياعائشة إن عثمان رجل حيي ولو أني أذنت له بذلك ماقضى حاجته ألا أستحي من رجل تستحي منه ملائكة السماء" ولذلك كان يقول : "أصدق أمتي حياءا عثمان" ، حديث ابن عمر في الترمزي قال بينما أنا جالس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا برجل من بعيد قد تقنع فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "إنه ستكون فتنة ويقتل فيها المقنع ذاك مظلوما" قال ابن عمر : فتبعته فإذا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه . وقع إختياره كخليفة ثالث وهو أطول الخلفاء حكما ١٢ سنة وبضع أشهر . ومن مناقبه أيضا: أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية أرسله يفاوض أهل مكة ولما جاء الخبر بأن عثمان قد قتل جاءت البيعة قال ابن عمر : لو علم النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه أعز عنده من عثمان لأرسله ولما بايعوا وبايع الناس وضع يده الأخرى فوق أيدي الناس وقال "هذه عن عثمان" - وهنا فائدة ودليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب وفيه رد واضح على الصوفية القبورية الذين يزعمون بأن الأولياء يعلمون الغيب - فكأنه شهد بيعة الرضوان وكانوا أربعمائة رجل وألف لا يدخل النار من بايع تحت الشجرة ولم يتخلف إلا الجدب ابن قيس وكان منافقا تخلف خلف شجرة أو خلف بعيره ، عرف عثمان بكثرة العبادة قال ابن عمر : من قدم عليا على عثمان فقد أزري بالمهاجرين والأنصار[البخاري] وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم : "رأيت كأن ميزانا نزل فوضعت في كفة والأمة في كفة فرجح بها ووضع أبوبكر في كفة والأمة في كفة فرجح بها ووضع عمر في كفة والأمة في كفة فرجح بها ثم وضع عثمان في كفة فرجح بها ثم رفع الميزان" ، شهد محمد بن مسلمة وزيد بن ثابت وغيرهم أن الهدى مع عثمان وأن الذين خرجوا على عثمان كانوا على باطل والدليل أنهم كانوا على باطل أنهم قتلوا عثمان ونهبوا داره ونهبوا بيت مال المسلمين ، عرف عثمان بطول العبادة حتى كان ابن عمر يقول في قول الله تعالى : (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه) قال : هو عثمان ، قال طلحة بن عبيدالله ونقل ذلك الذهبي في السير ورد أن عثمان رضي الله عنه بعد صلاة العشاء وقف عند الحجر الأسود مقنع قال طلحة : جئت إزاحمه فإذا هو عثمان وقف يصلي قيام الليل فمازال يقرأ القرآن حتى ختم القرآن في ركعة وأذن أذان الفجر فكانت له وترا وقيام ليلة قال الذهبي : وهذا أثر وتواتر بغير ماطريق ؛ وأكثر مايميزه إنفاقه في سبيل الله إشترى بئر رومة ب٣٥ ألف درهم وجعلها خالصة للمسلمين لذلك قال أهل السير : إشترى عثمان الجنة مرتين من رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال من يجهز جيش العسرة وله الجنة جهزه عثمان وإشترى الدار المجاورة للمسجد وعندما جهز جيش العسرة جاء بأربعين أوقية من الذهب وضعها بين النبي صلى الله عليه وسلم وجاء بالدنانير حتى قلب النبي صلى الله عليه وسلم الذهب والدنانير وهو يتعجب ثم قال : "ماضر مافعل عثمان بعد اليوم اللهم إني أمسيت عنه راض فارض عنه غفر الله لك ياعثمان ما أسررت وماأعلنت وماهو كائن منك إلى يوم القيامة" كان عنده إجلال للنبي صلى الله عليه وسلم لأن منبر النبي صلى الله عليه وسلم كان ثلاثة درجات فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقف على الدرجة الثالثة ويخطب فلما جاء أبوبكر أبا أن يقف على الدرجة التي كان يقف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم تأدبا فوقف في الدرجة الثانية فلما جاء عمر أبا أن يقف لا على درجة النبي صلى الله عليه وسلم ولا على درجة أبي بكر فوقف في الدرجة الأخيرة ثم جاء عثمان في أول خطبة يخطبها وقد قدم للخلافة في الثالث أو الرابع من محرم سنة ١٤ من الهجرة فلم يجد بدا أن يقف على مكان النبي صلى الله عليه وسلم فوقف فلما لامست أقدامه الموضع الذي كان يقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم أخذته الهيبة وأرتج عليه وما استطاع أن يتكلم فلما طال إنتظار الناس خنقته العبرة ثم قال لهم : أنتم إلى خليفة فعال أحوج منكم إلى خليفة قوال ولئن عشت لتأتينكم الخطب تترا وسيجعل الله بعد عسر يسرا ثم نزل من المنبر ، كان يجلس بين الأذانين يسأل الناس عن أسعار السوق وعن أسعار المواد والتمويل وكان الناسةكما قال الحسن البصري : قتل عثمان لأن الأرزاق كانت دارة والعدو متقى ولقد كان عثمان يقف على المنبر ويقول للناس : أغدوا إلى أعطياتكم من العسل والسمن لكن الناس بطروا النعمة . يحكي سعيد بن يربوع بن عنكسة المخزومي قال : كنت طفلا صغيرا أجري وراء الطير فإذا بالمسجد فيه زيادة وبناء وفي البناء طير فدخلت المسجد فإذا بشيخ كبير قد رقد لم أرى أحسن منه وجها فلما رآني قال لي : ابن من أنت ؟ قلت : ولد سعيد بن يربوع بن عنكسة المخزومي قال لي : أيقظ ذلك الغلام فأيقظته فكلمه وقال لي أقعد فجاءني بألف درهم وحلة وقال لي : هذا حقكم من بيت المالةفأخذتها وذهبت إلى أبي فقال لي من أين أتيت ؟ فقلت له : وجدت شيخا عجوزا في المسجد فوصفته له قال : ياأخي قبحك الله هذا أمير المؤمنين عثمان ، وكان لعثمان رضي الله عنه خاتما نقش عليه "آمن عثمان بالله العظيم" . وفي خلافة عمر في عام الرماد لما جاءت قوافله وتلقاه التجار يقولون : ياعثمان بكم البضاعة ؟ قال بكذا قالوا : نعطيك ضعفها قال : زيدوني فأوصلوه ثلاثة أضعاف إلى خمسة أضعاف قال : زيدوا قالوا: ياعثمان ماعهدنا عليك جشعا قال : لقد زادني ربي وأعطاني الحسنة بعشر أمثالها من يزيد ؟ قالوا : لا ، فقسمها على فقراء المدينة ؛ ومن أعظم مناقب عثمان جمع الأمة على مصحف واحد وإلى يوم الدين كل من يقرأ حرفا من المصحف فلعثمان أجر ،
استشهاده :
قدر الله له أن يموت شهيدا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان" [البخاري] بالرغم من أن عمر رضي الله عنه قتل أيضا غير أن السيء في قتل عثمان أنه قتل بأيدي تدعي الإسلام وكان بمؤامرة دنيئة جاءت مجموعات من الخوارج من الكوفة والبصرة ومصر أهل الكوفة جاءوا أكثر من ٦٠٠ منهم زيد بن صوحان والأشتر النخعي وعبدالله بن الأصم وعمر بن الأصم وجاء أهل البصرة معهم حكيم بن جبلة العبدري وزهير بن حرقوص السلمي ومعهم ابن المحرش الحنفي وجاءت مجموعة من مصر عليها عبدالرحمن بن عديس البلوي وسودان بن حمران المرادي وقثير المرادي السكوني وعليهم أمير عام يسمى الغافقي بن حرب العكي جاءت هذه المجموعات إلى المدينة وكانت بينها مراسلات لخلع عثمان رضي الله عنه جاء أهل البصرة وهم يريدون عزل عثمان وتولية الزبير بن العوام وجاء أهل الكوفة وهم يريدون تولية طلحة وجاء أهل مصر يريدون تولية علي بن أبي طالب هؤلاء الثلاثة أخير الصحابة الذين كانوا في المدينة بعد عثمان رضي الله عنه وعنهم أجمعين تصدى علي لأهل مصر وأنبهم وزجرهم وأخبرهم أن المنطقة التي فيها أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن فيها جيشا سينزل ولكنه ملعون فأخشى أن تكونوا أنتم وكذلك قال طلحة لأهل الكوفة والزبير لأهل البصرة فرجعوا كل إلى طريقه وبعد أيام عادوا ثانية فتصدى لهم الصحابة علي والزبير وطلحة رضي الله عنهم قالوا : ماالذي جاء بكم ؟ قال أهل مصر : وجدنا كتابا إلى والي عثمان بختم عثمان أن يقتلنا وكان علي رضي الله عنه زكيا ولماحا فقال لأهل الكوفة وماالذي جاء بكم ؟ قالوا جئنا ننصر المصريين وقال لأهل البصرة ماالذي جاء بكم ؟ قالوا : جئنا ننصر إخواننا قال : كيف عرفتم أنهم وجدوا كتابا وطرائقكم مختلفة ؟! قال علي كلمة دونها الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية : إن هذا أمر دبر بليل قال ابن كثير في المجلد العاشر ص ٢٧٨ : لقد كان يدبر الفتنة رجل يسمى بابن السوداء كان ذميا ودع الإسلام وكان كثير من الناس يقولون أن ابن السوداء هو عبدالله بن سبأ اليهودي الذي أظهر الإسلام وأبطن الكفر هو الذي قاد هذه الفتنة . جاء هؤلاء ومعظم الصحابة في الحج بعد أن خرج ابن عباس أميرا للحج حاجا ببقية الصحابة وبقي عثمان رضي الله عنه بالمدينة جاء هؤلاء النفر ودخلوا المدينة وهم ألفان وحاصروا عثمان في داره رضي الله عنه وبقية الصحابة الذين هم في المدينة تجمعوا ولذلك من البهتان أن يقال أن الصحابة مادافعوا عن عثمان وإنما أسلموه للخوارج والفجرة لا والله بل قاتلواعنه واجتمع في بيت عثمان ٧٠٠ صحابي كلهم يحمل سيفه وهنا تبرز شجاعة عثمان رضي الله عنه أنه قال : والله لن أكون أول من يخلف رسول الله في أمته بالدم فمنعهم من القتال وكان منهم زيد بن ثابت وأبوهريرة والحسن والحسين وعبدالله بن الزبير وكان أميرهم عبدالله بن الزبير بن العوام ولكن الصحابة نفوسهم صافية ماتخيلوا أن يدا. آثمة غادرة يمكن أن تصل إلى عثمان رضي الله عنهووجاءه ابن عمر وقال : يا عثمان إنا نخيرك إما أن تخرج إلى معاوية في الشام حيث الجند قال : والله لن أترك مقر خلافتي فتطمع الروم والكفر فيكم قالوا نقاتل معك قال : والله ما أحب أن يراق محجن دم في الأمة بسببي ولن أكون أول من يخلف رسول الله في أمته بالدم قالوا : أن تجيبهم إلى خلع نفسك قال : والله لن أسن هذه السنة كلما أراد قوم غضبوا على أميرهم قاموا إليه لينزعوه فلا يستقر للناس ملك ولا حكم ولا خلافة وكان الصحابة يحملون سيوفهم فقال لهم : أتجب طاعتي عليكم ؟ قالوا : نعم قال : أدخلوا السيوف في أغمادها وانصرفوا أسألكم بحقي عليكم فأدخل الصحابة السيوف في أغمادها على ضجر وعلى ملل من قرار عثمان ولكنه كان قرار خليفة حاسم لم يكن ذلك باللعب والصحابة حتى عندما ذهبوا ما تخيلوا أن أحدا يمكن يصل إلى عثمان رضي الله عنه مما يعرفون من مناقبه وفضائله وسيرته وسبقه وفضله ومكانته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعوا وقلوبهم في حسرة .. ثم ضيقوا عليه الحصار وكان مع عثمان رقيق في بيتهةيحملون السيوف يدافعون عنه قال : من أدخل السيف في غمده حر وهذا فعل خليفة نزيه وأنه أراد أن يضحي بنفسه ولا يضحي بالأمة وإلا لو أراد الملك والسلطة والكرسي لقاتل الذين جاءوا وتطوعوا دفاعا عن عثمان وخشي عثمان رضي الله عنه أن تضيق المدينة بالمهاجرين والأنصار وبالتالي ألزم الناس بيوتهم وأسقط في أيدي كثير من الصحابة وماعرفوا ماالذي يفعلونه .. ثم بعد ذلك ضيقوا عليه الحصار واقترب موعد إنتهاء الحج فدخلوا عليه داره في الثامن عشؤ من ذي الحجة ومعه زوجته وبعض خدمه في البيت حاصروه ومنعوه الخروج وكان ذلك في صبيحة الجمعة وقد أصبح عثمان رضي الله عنه صائما ولقد ورد بأكثر من طريق ورواية تقول أن عثمان قال للناس : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام قال لي ياعثمان إن شئت نصرت وإن شئت أفطرت عندنا قال أفطر عندكم أخبر عثمان كل الذين في الدار ولقد حاصروه ومنعوه الماء لعدة أيام فقال : لقد سقاني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الماء في المنام واني لأجد ريه في أظافري الآن . ثم اقتحموا داره وقبيل العصر قتلوه قال ابن كثير : وكان أمر الله قدرا مقدورا وكان ذلك في الكتاب مسطورا قتل عثمان رضي الله عنه مظلوما شيخ ناهز الثمانين منةعمره ٨٢ دخلو عليه فلم يرعوا حرمة الشهر الحرام ولم يرعوا حرمة النبوة والمصاهرة لم يرعوا حرمة الفضل لم يرعوا حرمة السبق بالإسلام والدخول في الجنة لم يرعوا حرمة الشيخ الكبير المسن - فالخوارج أسوأ الفرق الإسلامية - وهذا يريك أن الأمة إذا اعوج فيها الفكر يقتلون القتيل ويرون أنهم يتقربون إلى الله تعالى وبذات الأيدي الآثمة قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه . وأول من دخل عليه رجل جاء من مصر يسمى بشر بن كنانة السجيبي دخل على عثمان وبيده حديدة وعثمان يقرأ المصحفةضربه في صدغه (بجانبه) فسقط مغشيا عليه وجاء سودان بن حمران المرادي السكوني من اليمن ضربه بالسيف في صدره فأقعده ثم وضع نصل السيف في بطن عثمان واتكأ عليه وأول ماضرب عثمان رضي الله عنه قال : آمن بالله ولما سال دمه قال سبحان الله بعد ءلك دخل في غيبوبة ثم جاء رجل سيء اسمه عَمر بن الحمق. وجثى على صدر عثمان وفيه بقية رمق وضربه تسع طعنات بخنجره وقال : أما ثلاث منها فلله وأما ست منها فلشيء كان في نفسي عليك وكذب عدو الله المجرم الخبيث كلها لشيء في نفسه وقام نسائه وخاصة نائلة بنت فراسة الكلبية رضي الله عنها وكان عندها شيء من الجسم فجاءت تدافع عن عثمان فلماجاءت وكان فيه بقية رمق فقال لها : إحتجبي لقتلي أهون إليَّ من أن يروا منك شعرة وأول ماسقط قيل أن قطرة الدم سقطت في قوله تعالى (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) مات رضي الله عنه في مجزرة ولذلك قتل عمر وعلي رضي الله عنهم وطعنوا بطعنات لكن لم يقل بشرهم بالجنة على بلوى تصيبهم إلا عثمان رضي الله عنهم أجمعين وسقط عثمان رضي الله عنه شعيدا مضرجا في دمائه صائما والحمد لله أن قتيرة السكوني قد ضربه رباح وهوأحد رقيق عثمان فقتله وقتل رباح رضي الله عنه أيضا ثم لما بلغ الخبر الصحابة أسقط في أيديهم وفر الناس لكن حكمة الله ماشارك أحد في قتل عثمان ومات حتف أنفه وعرف أهل التاريخ لحاكم من الحكام وهو فيه ظلم شديد الحجاج بن يوسف حمدوا له أنه نذر وألقى على عاتقه أن يقتل كل من ساهم في قتل عثمان فقتلهم جميعا وهذه محمدة ومنقبة للحجاج بن يوسف ؛ من الذين شاركوا : الأشتر النخعي والأشتر في الطريق شرب عسل فمات فقال الناس مقولتهم المشهورة : إن لله جندا من عسل أما حكيم بن جبلة من أهل الكوفة الذين شاركوا في قتل عثمان ذهب متخفيا في جبل في خلافة معاوية رضي الله عنه بعد ٦ سنوات فرآه أحد الرعاة وتحدث معه عرف أنه حكيم بن جبلة فتركه حتى نام فأخذ سيفه وقتله بمكانه لقد اقتص الله عز وجل لعثمان ودفن رضي الله عنه بحش كوكب منطقة شرقي البقيع قال الإمام مالك بسنده أن عثمان كان يمر بحش كوكب ويقول للصحابة يدفن في هذا الموضع رجل صالح قيل من هو ؟ قال والله لا أعرفه فإذا بالأقدار وحكمة الله تقود عثمان أن يدفن في حش كوكب . ولما جاءوا لقتله قال لهم عثمان الذي لا يخاف الموت : اما وانكم لو قتلتموني لن تجتمعوا على أمير بعدي أبدا . وفعلا حتى الآن لم يتفقوا وحتى علي رضي الله عنه على جلالة قدره نوزع في الأمر وحصل القتال بينه وبين الخوارج فلم يجتمع الناس بعد عثمان رضي الله عنه على خليفة .