أبوبكر الصديق رضي الله عنه

أبوبكر الصديق :
اسمه عبدالله بن عثمان بن عامر ابن عمران بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في مرة ويسمى في الجاهلية بالعتيق والعرب تسمي الشيء إذا بلغ نهايته في الحسن والكمال عتيقا والعتيق هو الجميل وكان أبوبكر رضي الله عنه جميل الوجهووصفته ابنته عائشة رضي الله عنها قالت كان أبيضا ونحيفا وأحنى الظهر معروق الوجه ناتئ الجبين غائر العينين عاري الأشاجع أي كان قليل اللحم في أماكن اللحم وكان نحيفا . أمه هي سلمة بنت صخر بن عامر ابنة عم أبيه وأبوه عثمان بن عامر وقالت عائشة : أبوبكر الصديق هو الوحيد الذي أسلم من المهاجرين أبوه وهو (أبوقحافة) اسمه عثمان بن عامر ، كانت له زوجتان : الأولى خارجة بنت حبيب وهي أم عبدالرحمن ولده ويقال أنها أيضا أم أسماء . وأسماء بنت عميس وهذه أم ولده محمد بن أبي بكر مات عليها . وأم رومان وهي أم عائشة رضي الله عنها ماتت قبله .
لم يرد في السنة وفي النصوص تعظيم لرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعظمه النبي صلى الله عليه وسلم ويجله كمثل أبي بكر رضي الله عنه والأحاديث في ذلك كثيرة جدا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ماطلعت الشمس على رجل بعد النبيين أفضل من أبي بكر ولذلك يقول عنه ابن القيم دائما : من لي بمثل سيرك المدلل تمشي رويدا وتجيء في الأول . وفي الآثار قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة : أول من يستلم كتابه يوم القيامة بيمينه عمر فقالت أين أبي؟ - وهي تعرف أن أباها قدام عمر - قال : ذلك رجل زفته الملائكة إلى الجنة . وكان عمر بن الخطاب يقول : ليلة من أبي بكر في الغار مع النبي صلى الله عليه وسلم خير من عمر وآل عمر ولذلك لما جاءوا في الخلافة قال أبوبكر الصديق لعمر : أبسط يدك أبايعك ، قال عمر : والله لئن أقدم على السيف فتضرب عنقي في غير ما إثم أحب إلي من أن أؤمر على قوم فيهم أبي بكر ، حتى قال له عمر : أنت خيرنا وسيدنا وأحبنا إلى رسول الله . فقال أبوبكر : أنت أقوى مني . قال عمر : قوتي تقف بجانبك وتؤيدك مع فضلك على الناس وسبقك . قال النبي صلى الله عليه وسلم : مامن أحد إلا وله علينا يد كافأناه بها خلا أبابكر يكافئه الله بها يوم القيامة . صعد المنبر وقال : مانفعني مال مثل مانفعني مال أبي بكر ، ويقول أنس بن مالك رضي الله عنه : لقد قمنا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما كدنا أن نهلك فيه جميعا لولا أن قيض الله لنا أبابكر فقد كنا مثل الثعالب فما زال يشجعنا حتى صرنا كالأسود . عده شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية أعلم الصحابة على الإطلاق قال : وأبوبكر أعلم الصحابة ولا يظهر علمه إلا عندما يخفى الدليل على غيره لما تلا(ومامحمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل..) ومن كان يعبد محمدا فإن محمد قد مات قال عمر بن الخطاب وهو من هو : كأني أسمع الآية لأول مرة . كان فقهه عال وكان فهمه عظيم أمتاز بثلاث معالم رئيسية في حياته رضي الله عنه :
١/ السبق إلى فعل الخيرات :
ماكان يتردد وماكان يتوانى - (ويوجد في الناس من يتقرب إلى الله بالطعن في أبي بكر والطعن في الصحابة !!!!) - لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب أن يطعن في أبي بكر وعندما وقعت مشكلة بينهما واختلفا وتلاحيا فجاء أبوبكر يعتذر إلى عمر فأغلق دونه الباب في وجهه فجاء أبوبكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يجري حتى أنه كان يمسك بطرف ثوبه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه الجلوس : أما صاحبكم فقد غامر فجاء يجري (أي دخل في مشكلة) فقال أبوبكر : يارسول الله قد لاحيت عمر بن الخطاب ثم جئته معتذرا فأغلق في وجهي الباب ، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضبا فإذا بعمر بن الخطاب يراجع نفسه فذهب إلى بيت أبي بكر رضي الله عنه فلم يجده جاء إلى المجلس فلما جاء عمر تغير له وجه النبي صلى الله عليه وسلم وكأنه يريد أن يقوم عليه فجثى أبوبكر الصديق على ركبتيه يلتمس العذر للنبي صلى الله عليه وسلم يقول يارسول الله أنا له أظلم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قلتم كذب وقال صدق وواساني بماله ونفسه فهل أنتم تاركوا لي صاحبي يغفر الله لك يا أبابكر يغفر الله لك ياأبابكر يغفر الله لك ياأبابكر . قال أبوالدرداء : فما أوزي بعدها أبدا ؛ هو الأول في الأمة بلا شك فهو المسابق إلى الخير مامن عمل إلا وهو قدام الناس لا يتأخر وفي صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في صلاة الغداة : "أيكم عاد اليوم مريضا ؟ قال أبوبكر : أنا يارسول الله ، قال : أيكم شيع اليوم جنازة ؟ قال : أنا يارسول الله ، قال أيكم أطعم اليوم مسكينا ؟ قال : أنا يارسول الله ، قال : أيكم أصبح اليوم صائما ؟ قال : أنا يارسول الله ، قال مااجتمعن في إمرئ إلا وأدخله الله الجنة" وفي الصحيحين كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "أبوبكر وعمر مني بمنزلة السمع والبصر" وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا مايقول أنا وأبوبكر وعمر ، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبوبكر وعمر ، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم وأبوبكر وعمر ؛ ولما جاء رجل من البادية ويقول للنبي صلى الله عليه وسلم إنه سمع ذئبا يتكلم ويشهده يقول محمد رسول الله قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "أنا أؤمن بذلك وأبوبكر وعمر- وكانا غائبين" ؛ مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم وأبوبكر وعمر بالليل فسمعوا عبدالله بن مسعود يقرأ القران فوقف النبي صلى الله عليه وسلم حتى ركع وكان ابن مسعود يرتل القران ترتيلا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "من أحب أن يسمع القران غضا طريا كما أنزل يسمعه على قراءة ابن أم عبد" قال عمر بن الخطاب : فذهب أطرق الباب في جوف الليل لإبن مسعود بعد أن رجعنا فجاء يفتح الباب فوجدني قال : خير يابن الخطاب؟ قلت : لقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيك حديثا ، قال : لقد جاءني أبي بكر وبشرني قبلك ! قال عمر رضي الله عنه : والله لا أسابق أبابكر بعد اليوم !.
٢/ كان أبوبكر رضي الله عنه عظيم التضحيات :
يكفي قول الله تعالى في أبي بكر : (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) تقول عائشة رضي الله عنها : ماعقلت إلا ورسول الله يأتينا صباحا ومساءا ، وهو الوحيد من المهاجرين الذي أسلم أبوه وأمه كانت تلقب بأم الخير وتكنى به وهي سلمى بنت صخر بن عامر أسلمت هي وزوجاته وبناته ، أبوبكر الصديق في خدمة الدين حتى أغنامه يوم الهجرة وخادَمَه ورقيقه فقد كان من أصحاب التضحيات العظيمة أعتق أبوبكر ستة من العشر المبشرين بالجنة وهو سابعهم وهم : عثمان وعبدالرحمن بن عوف والزبير بن العوام وطلحة وأبوعبيدة وسعد بن أبي وقاص . ويسميه ابن القيم : الصديق الأكبر للأمة ، وفي الصحيحين أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها تعالي العام القادم قالت : إن لم أجدك ؟ قال : تجدين أبابكر ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : خيرُ هذه الأمة بعد رسولها أبي بكر وعمر - وكان عليا على المنبر[حديث البخاري] ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين عدا النبيين والمرسلين أبوبكر وعمر لاتخبرهما ياعلي" [رواه علي بن أبي طالب في سنن الترمزي وصححه الألباني] . وفي الهجرة قالت عائشة رضي الله عنها : كان الصحابة يهاجرون يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم فيأذن لهم فجاء أبوبكر قال يارسول الله : أريد الخروج إلى المدينة قال له النبي صلى الله عليه وسلم : انتظر ولا تخرج . ذهب اشترى ناقتين وجهزهما قالت عائشة : فجاءنا النبي صلى الله عليه وسلم في يوم غائظ (شدة الصيف) في وقت القيلولة - أي في غير وقت إتيانه فدخل وجلس وكأنه يستريب من شيء ثم قال لأبي بكر : أخرج أهلك من البيت قال أبوبكر : يارسول الله إنما هم أهلي . قال له : "أُذِنَ لي بالخروج إلى المدينة" قال : الصحبة . قالت عائشة : والله ماشعرت إلا وأبي بكر يبكي فرحا قال يارسول الله : لقد أعددت لك الراحلة قال : "بالثمن" أي بحقها قال يارسول الله : إنما مالي لك ونفسي لك قال :"بالثمن" فقبل أبي بكر وأخذ الثمن في ناقة ثم هاجرا معا الهجرة الطويلة المعروفة التي ظلت بعد ذلك قرانا يتلى إلى يوم القيامة (ثاني اثنين اذهما في الغار..)
ومن فضائله :
لما ولي الخلافة كان كثيرا مايردد يقول : والله ماكنت حريصا على إمرتكم وماتمنيتها لا سرا ولا علانية . لكن الصحابة قدموه ولم يكن من ذلك بد وبالمناسبة لو لم يقدم غير أبو بكر لكانت فتنة وكانت مدة خلافته عامان ومائة يوم مات رضي الله عنه في الثالثة عشر من الهجرة النبوية وكان قد بدأ الفتوحات لكن أهم ماقدمه إرساء دعائم الدولة بعد النبس صلى الله عليه وسلم فقاتل المرتدين في البحرين وفي جُوانة وفي اليمن واليمامة .
٣/ عرف بكثرة العبادة :
وهذا ظاهر جدا في حديث أيكم أصبح اليوم صائما ..الخ . قالت أسماء بنت عميس : دخل عليها عمر بن الخطاب وهي زوج أبي بكر بعد جعفر بن أبي طالب سألها قال : يا أسماء كيف كانت صلاة أبي بكر رضي الله عنه ؟ قالت : كان يقوم الليل يصلي ويبكي يصلي ويبكي كأننا نشتم من شدة بكاءه رائحة كبد تشوى !!
لما وافته المنية وأدركه الأجل وكان قد ناهد الستين وأهل السير والتاريخ يرجحون أنه قُبِض في السن التي قبض فيها النبي صلى الله عليه وسلم في الثالثة والستين تعب وأدركته الحمى فجعلت عائشة رضي الله عنها تقول أمامه : لعمرك مايغني الثراء عن الفتى إذا ضاقت وحسرجت الصدر قال : لا ياعائشة قولي بقول الله تعالى (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ماكنت منه تحيد . ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد) ثم مات رضي الله عنه وقد أوصى أن يدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم ودفن أبوبكر رضي الله عنه قصاد كتف النبي صلى الله عليه وسلم . وأوصى أبوبكر رضي الله عنه نادى إلى عثمان وقال له : كيف لو أني وليت عليكم عُمَرَ ؟ فقال له عثمان رضي الله عنه مقولته المشهورة : قوي في الله وسره أفضل من علانيته للناس لقد أصبت فيه خيرا ونادى على عبدالرحمن بن عوف فاستشاره ثم أوصى للناس أن يُؤمَّر بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه . ومن مناقبه أيضا : ان النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما فقال : "إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ماعنده فاختار ماعند الله" فبكى أبي بكر فقال أبوسعيد الخدري : فقلت في نفسي مايبكي هذا الشيخ ؟! فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو العبد وكان أبوبكر أعلمنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "يا أبابكر لا تبك إنَّ أَمَنَّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبوبكر ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبابكر ولكن إخوة الإسلام أفضل .." [البخاري] . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة فأُذِّن فقال : "مروا أبابكر فليصل بالناس" فقيل له : إن أبابكر رجل أسِيفٌ إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس وأعاد فأعادوا له الثالثة فقال : "إنكن صواحب يوسف مروا أبابكر فليصل بالناس" فصلى أبابكر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم . قال أنس رضي الله عنه : فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبابكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أكن بمثل أعمالهم [البخاري] . وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أي الناس أحب إليك ؟ قال عائشة فقلت من الرجال ؟ فقال أبوها فقلت ثم من ؟ قال عمر بن الخطاب