٧/ الرد على شبهات الحزبيين في تجويزهم نُصح الحاكم علناً

من شبهات الحزبيين في تجويز الإنكار علنا على الحاكم :
يقولون يجوز الإنكار على الحاكم علنا إذا كنت أمامه ولو بصوت مرتفع ولو أمام الناس يستدلون بشبهة أنكار أبو سعيد الخدري رضي الله عنه على أمير المدينة مروان بن الحكم علنا
رد الشبهة :
فهذا باطل وهو عين منهج الخوارج الذي بدأ به لأن رأس الخوارج هو ذو الخويصرة التميميى لم يخرج بسلاح أول ماخرج وإنما خرج بالإنكار علنا على النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان حاكما فقال اعدل يامحمد فإني لم أرك تعدل . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : "من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ولينصححه فيما بينه وبينه فإن قبل فذاك وإلا أدى الذي عليه" .
وقد سئل العلامة عبيد الجابري : يقول هناك من يستدل بإنكار أبي سعيد الخدري رضي الله عنه على أمير المدينة مروان بن الحكم حينما قدم خطبة العيد على الصلاة على جواز الإنكار علنا على الحاكم في الخطب والمحاضرات والخطابات المفتوحة العلنية هل يصح هذا الإستلال ؟ فأجاب :
الأمر الأول : وقول أبي سعيد رضي الله عنه فمشيت مقاصدا مروان - والمعنى - أن كل واحد من ذينك الرجلين وهما أبو سعيد رضي الله عنه وأمير المدينة لمعاوية رضي الله عن معاوية وأمه وأبيه وعفا الله عنا وعن مروان كل من الرجلين واضعٌ يده في خصر الآخر. وهذا الصنيع للمتحدثين يريدان أن لا يسمع الناس حديثهما مع بعضهما
الأمر الثاني : أن أبا سعيد رضي الله عنه لما عصاه مروان عفا الله عنا وعنه تركه وصلى خلفه واستمع خطبته ولم يتخذ من هذا مجالا للتشهير بأمير المدينة ذلك الوقت وهو مروان عفا الله عنا وعنه
الأمر الثالث : هذا الحديث رواه عن أبي سعيد عامر بن سعد أظنه ولده قال : عن أبي سعيد أعمه
عامر بن سعيد قال عن أبي سعيد وذكر القصة فعامرٌ هذا لم يسمع من حديث الرجلين شيئا ولم يدر منها ولا عن كلمة واحدة فلولا أن الصحابي حدثه لم يعلم شيء فأصبح هذا الحديث موافقا لما رواه ابن أبي عاصم في السنة وأحمد وغيرهما وصحيح بمجموع طرقه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علنا وليخلو به وليأخذ بيده فإن قبلها قبلها وإن ردها كان قد أدى ماعليه" فهذا الحديث فيه من الفوائد مايأتي : الفائدة الأولى : السرية التامة في مناصحة ولي الأمر حتى عن أقرب الناس إليه
الفائدة الثانية : براءة ذمة الناصح على هذا الوجه الذي أفاده الحديث وأنه ليس عليه أن يقبل الحاكم نصيحته برءت ذمتُه بهذه النصيحة السرية .
الفائدة الثالثة : موافقة هذا الحديث حديث أبو سعيد الخدري لحديث أبي صاصم هذا على أن النصيحة سرية . الأمر الرابع والأخير : أنه ليس ثمة وجه يسلكه الناصح في تنبيه الحاكم سوى هذا الوجه ولو كان وجهٌ آخر لبينه صلى الله عليه وسلم ومن القواعد المققرة في علم الأصول أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة والعمل والحاجة فاضية فإذ لم يبين النبي صلى الله عليه وسلم وجها آخر غير هذا علم أن كلَّ طريقٍ مسلوكة إلا ماكان سرا .
وهناك قاعدة متفق عليها بين المسلمين جميعا سلفا وخلفا أنه لا يجوز تقديمُ كلامِ أحدٍ من الناس كائنا من كان حتى لو كان عالما جليلا فلا يجوزُ تقديمُ كلامه على كلام الرسول صلى الله عليه وسلم حتى لو كان كلام صحابيا حتى لو كان أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لذلك قال عبدالله بن عباس : يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول لكم قال رسول الله وتقولون قال أبي بكر وعمر وفي رواية قال : أنتم على شفا هلكة أقول قال رسول الله وتقولون قال أبوبكر وعمر . فما رضي عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن يقدم كلام أبي بكر وعمر على كلام الرسول صلى الله عليه وسلم . الإمام محمد بن عبدالوهاب ذكر نفس هذا الكلام لكن بمعنى آخر في كتاب التوحيد قال : بابٌ من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ماأحل الله أو تحليلِ ما حرم الله فقد إتخذهم أربابا من دون الله . فهذا من فساد التوحيد أن يقدم المرء كلام شيخه على كلام الرسول وهو يعلم أن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم خلاف كلام شيخه . روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح صححه الألباني وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من أرد أن ينصح لذي سلطان .." الحديث . وهذا هو فهم الصحابة لهذا الحديث كما جاء في صحيح البخاري حديث رقم ٧.٩٨ قيل لأسامة بن زيد رضي الله عنهما ألا تكلم هذا ؟ قال : قد كلمته مادون أن أفتح بابا أكون أولَ من يفتحه (يقصد نصح الحاكم علنا) قال : وما أنا بالذي أقول لرجل بعد أن يكون أميرا على رجلين أنت خيرٌ بعدما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "يجاء برجل فيطرح في النار فيطحَنُ فيها كطحن الحمار برحاه فيطيف به أهل النار فيقولون أي فلان ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ..الخ قال ابن حجر : قوله قد كلمته مادون أن أفتح بابا - يعني : كلمته فيما أشرتم إليّ لكن على سبيل المصلحة والأدب في السر
بعد مايكون في كلامه مايثير فتنة أو نحوها وما موصوفة ويجوز أن تكون موصولة . وقوله في رواية سفيان قال لهم أسامة رضي الله عنهما : إني أكلمه في السر دون أن أفتح بابا أكون أول من فتحه . وعند مسلم مثلله لكن قال بعد قوله ألا أسمعتكم والله لقد كلمته فيما بيني وبينه دون أن أفتح أمرا لا أحب أن أكون أول من فتحه . وقال عياض : مراد أسامة أنه لا يفتح باب المجاهرة بالنكير على الإمام لما يخشى من عاقبة ذلك بل يُتَلطف به فينصحه سرا فذلك أجدر بالقبول انتهى كلام ابن حجر رحمه الله
في رواية : أبو سعيد الخدري جبذ عبدالملك بن مروان من ثوبه وفي رواية من خصره وقال له : ماهكذا السنة يابن مروان لذلك قال العلماء ففرق بين نصيحة العالم - وهو أبوسعيد الخدري رضي الله عنه - أنه ينصح الحاكم في السر وبين نصيحة الجاهل . فنصيحة العالم الصحابي الجليل أبو سعيد بمجموع الروايات كلمه فيما بينه وبينه . نفترض جدلا لو ورد أن أي أحد حتى إن كان صحابيا أنه نصح الحاكم علنا وقال الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجوز هذا نقدم كلام مَن ؟! بالتأكيد نقدم كلام النبي عليه الصلاة والسلام

●●● 
● ● الرد على شبهات الحزبيين في تجويز نصح الحاكم علنا (مقطع فيديو:point_down:) الشيخ مزمل فقيري حفظه الله
https://t.me/mahdi099015/429